عيد شم النسيم والتغيرات المناخية: هل تغيرت ملامح الربيع؟

بقلم: د/ رشا الجزار
يُعد عيد شم النسيم من أقدم الأعياد التي يحتفل بها المصريون منذ العصور الفرعونية، حيث يرتبط ببداية فصل الربيع وتفتح الزهور واعتدال الطقس. هو يوم يحمل في طياته رمزية خاصة للطبيعة والحياة، ويمثل فرصة للخروج إلى الحدائق والاستمتاع بجمال البيئة. لكن، ومع تصاعد ظاهرة التغيرات المناخية، بدأت ملامح هذا العيد تتغير تدريجيًا، مما يدفعنا للتساؤل: هل لا يزال شم النسيم كما عرفناه؟
في السنوات الأخيرة، لم يعد الطقس في يوم شم النسيم معتدلاً كما كان، بل أصبح يشهد تقلبات غير متوقعة؛ من ارتفاع غير معتاد في درجات الحرارة، إلى موجات برد مفاجئة، أو حتى عواصف ترابية وأمطار. هذه الظواهر ليست صدفة، بل هي جزء من التغيرات المناخية التي يشهدها العالم نتيجة الاحتباس الحراري والنشاطات البشرية المؤثرة على البيئة.
تأثير التغير المناخي لا يتوقف عند حدود الطقس فقط، بل يمتد إلى مظاهر الطبيعة ذاتها. فقد بدأت بعض أنواع النباتات التي كانت تميز هذا الفصل بالتراجع أو الاختفاء، وتأثرت الزراعة بوضوح، مما انعكس على وفرة وجودة بعض الأطعمة التقليدية المرتبطة بالعيد، مثل الخس والفسيخ والبصل.
إن التغيرات المناخية تهدد ليس فقط التقاليد والاحتفالات، بل جودة الحياة ذاتها، مما يفرض علينا كمجتمع علمي وثقافي ضرورة دق ناقوس الخطر. فالحفاظ على البيئة لم يعد رفاهية، بل هو مسؤولية جماعية لضمان أن تظل الأعياد القادمة فرصة حقيقية للاحتفال بالحياة، لا مناسبة للتأقلم مع ظروف استثنائية.
علينا أن نعيد التفكير في علاقتنا بالبيئة، وأن نتبنى سلوكيات أكثر استدامة لحماية مناخنا، حتى نظل نحتفل بشم النسيم وسط زهور الربيع وهواء نقي، كما اعتدنا عبر الأجيال.