اقتصاددين وحياةسياحة وسفرسياسةعاجل

نهاية أمريكا وإسرائيل على يد ترامب

 بقلم: د. ناصر السلاموني

مقدمة

في ظل الأزمة العالمية الراهنة، لا حديث يعلو فوق حديث ترامب ونتنياهو. لقد جاء ترامب بسياسة استعلائية، يظن أن فرض قراراته بالقوة هو السبيل الوحيد للسيطرة على العالم. لكنه تناسى أن هناك من يجرؤ على قول “لا”، وهناك من لا يخضع له مهما بلغت قوته.

ترامب ليس رجل سلام كما تدّعي وسائل إعلامه، بل جاء بأجندة إسرائيلية مدروسة، حريصًا على تنفيذها بكل الوسائل. ولتقييم دوره في دعم إسرائيل، يجب أولًا استعراض تاريخ الدعم الأمريكي للدولة الصهيونية قبل مجيئه.

أمريكا وإسرائيل: تحالف استراتيجي منذ التأسيس

منذ إعلان قيام إسرائيل في 14 مايو 1948، كانت الولايات المتحدة أول دولة تعترف بها، في عهد الرئيس هاري ترومان. ومنذ ذلك الحين، لعبت دورًا رئيسيًا في تأمين الشرعية الدولية لإسرائيل، مستخدمة حق الفيتو في مجلس الأمن 113 مرة لحمايتها من أي قرارات تدينها، خصوصًا فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية والصراعات مع الدول العربية.

دعم عسكري بلا حدود

بعد حرب 1967، زوّدت واشنطن إسرائيل بأسلحة متطورة، مما مكّنها من الحفاظ على التفوق العسكري في المنطقة.

خلال حرب أكتوبر 1973، أقامت جسرًا جويًا لتزويدها بأحدث الأسلحة والمعدات، بما في ذلك مقاتلات F-35 ومنظومات الدفاع الصاروخي مثل القبة الحديدية.

دعم اقتصادي وسياسي

منذ الخمسينيات، قدمت واشنطن مساعدات اقتصادية ضخمة ساعدت إسرائيل في بناء اقتصادها وتطوير بنيتها التحتية.

تعدّ إسرائيل من الدول القليلة التي تمتلك اتفاقية تجارة حرة مع أمريكا، مما يسهّل تصدير منتجاتها للسوق الأمريكية.

التعاون الاستخباراتي بين الجانبين يُعدّ ركنًا أساسيًا في العلاقة الاستراتيجية، حيث يتم تبادل المعلومات الأمنية حول التهديدات الإقليمية مثل إيران والجماعات المسلحة في الشرق الأوسط.

حماية في المحافل الدولية

استخدمت أمريكا نفوذها لدعم إسرائيل في اتفاقيات السلام، مثل:

كامب ديفيد (1978) مع مصر.

أوسلو (1993) مع الفلسطينيين.

اتفاقيات أبراهام (2020) التي طبّعت العلاقات بين إسرائيل وعدة دول عربية.

ترامب وإسرائيل: انحياز غير مسبوق

في ولايته الأولى (2017-2021)، اتخذ ترامب قرارات غير مسبوقة لتعزيز مكانة إسرائيل:

6 ديسمبر 2017: الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها، وافتتاحها رسميًا في مايو 2018.

مارس 2019: الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان المحتل، وهو أول اعتراف من نوعه من أي رئيس أمريكي.

يناير 2020: إعلان “صفقة القرن”، التي تضمنت:

الاعتراف بالمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية.

الإبقاء على القدس عاصمة موحدة لإسرائيل.

منح الفلسطينيين دولة بشروط مجحفة، مما أدى إلى رفض القيادة الفلسطينية للخطة.

سياسات داعمة لإسرائيل

نوفمبر 2019: ألغت إدارته رأي وزارة الخارجية الأمريكية لعام 1978، معتبرةً أن المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية لا تتعارض مع القانون الدولي، ما عزز من موقف إسرائيل في المنطقة.

مايو 2018: الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران وإعادة فرض العقوبات عليها، وهو ما رحّبت به إسرائيل.

2020: التوسط في اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل ودول عربية، منها:

الإمارات

البحرين

السودان

المغرب

دعم إسرائيل عسكريًا بمليارات الدولارات، خاصة في تطوير القبة الحديدية.

قطع التمويل عن وكالة الأونروا ووقف المساعدات للسلطة الفلسطينية، مما زاد من الضغوط الاقتصادية عليها.

دعم إسرائيل في عملياتها العسكرية ضد حركة حماس، خاصة خلال التصعيدات في غزة.

استخدام الفيتو الأمريكي لمنع أي قرارات دولية تدين الانتهاكات الإسرائيلية.

ترامب في ولايته الثانية: استمرار الدعم المطلق

مع بداية ولايته الثانية، استمر ترامب في اتخاذ إجراءات تصب في مصلحة إسرائيل، منها:

إلغاء العقوبات على المستوطنين الإسرائيليين المتهمين بالعنف ضد الفلسطينيين، التي فرضتها إدارة بايدن.

اقتراح إعادة توطين سكان غزة في مصر والأردن، بهدف تحويل غزة إلى “ريفييرا الشرق الأوسط”.

استضافة نتنياهو في البيت الأبيض لتعزيز العلاقات ومناقشة قضايا مثل وقف إطلاق النار في غزة والتهديدات الإيرانية.

إعادة فرض العقوبات على المحكمة الجنائية الدولية، ردًا على إصدارها مذكرات اعتقال بحق مسؤولين إسرائيليين.

الخاتمة: هل يكون ترامب سببًا في سقوط أمريكا وإسرائيل؟

من الواضح أن ترامب، بانحيازه الأعمى لإسرائيل، أسهم في زيادة التوترات في المنطقة وخلق أعداء جدد لواشنطن. إن استمرار هذه السياسة قد يؤدي إلى تراجع النفوذ الأمريكي عالميًا، في ظل صعود قوى جديدة مثل الصين وروسيا.

إسرائيل، التي لطالما اعتمدت على الغطاء الأمريكي، قد تجد نفسها في وضع صعب إذا بدأ العالم في التحوّل عن تأييدها. فهل تكون سياسات ترامب المتطرفة بداية النهاية لأمريكا وإسرائيل؟ أم أن تحالفهما سيستمر رغم كل المتغيرات العالمية؟

الأيام وحدها ستكشف الحقيقة…

Facebook Comments Box

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى