نحن في أشد الحاجة إلى مراكز تفكير عربية
بقلم الإعلامي : حسين المصري
نعيش اليوم في زمن #المعرفة، ومن يصنع المعرفة يصنع المستقبل، ومن يمتلكها يمتلك القوة في العلم وفي السياسة على حدٍّ سواء. أما غياب مراكز التفكير، فيعني أن هنالك من سيفكر لنا ويصنع لنا معرفتنا وبالتالي مستقبلنا، لكن على قياساته هو وبحسب مصالحه الخاصة.
حبذا لو نقيم مؤسسات بحثية تعمل في داخل كل دولة وعلى مستوى المنطقة عموماً في مثل هذه الأوقات المصيرية من تاريخ بلداننا، بخاصة تلك التي تخوض معركة بناء السلام وتحتاج بالتالي إلى توظيف كل الخبرات والقدرات لتذليل الصعوبات وتجاوز العراقيل من أجل الوصول إلى الهدف المنشود في السلام والاستقرار والتنمية.
دمّر المغول مكتبة بيت الحكمة في بغداد وألقوا مجلداتها في نهر دجلة فصبغ حبرها مياهه باللون الأسود.. أُحرقت مكتبة الإسكندرية فضاع معها قسم كبير من أرشيف الحضارتين الفرعونية والإغريقية، وشهدت مكتبة قرطبة الدمار نفسه، فخسرنا الكثير من إرث الحضارة العربية الإسلامية في الأندلس. يحق لنا أن نرثي حتى يومنا هذا ضياع هذه الثروات المعرفية وأن نتحسر عليها. لكن أكثر ما أعجب له، هو أننا لا نحاول إعادة إنتاج هذه المعارف، ونهدر أي فرصة أمامنا لبناء حضارة جديدة اليوم! فنقف جامدين أما حاضرة “الآخر”، في الغرب خصوصاً، ونذوب فيها حتى كاد يغيب ذكرنا عن أية مساهمة في صرح الحضارة الحديثة.
عندما نتغنى بالحضارة العربية وكل الثقافات التي استوطنت بلادنا، ألا يجب أن نسأل أنفسنا عن الأجيال القادمة وهل سيتغنى أحفادنا بمنجزاتنا؟ وأيُّ منجزات؟ فنظرة سريعة على حال العالم العربي تظهر جلياً واقع الأوضاع المعرفية المُؤسف. وهذا الواقع ليس نابعاً من نقص في الإمكانات أو الموارد البشرية الرائدة، إنما من غياب المؤسسات الفكرية والثقافية والبحثية
القادرة على احتضان هذه الإمكانات واستثمار قدراتها وتقديم المنصات المناسبة لها، لتكون مؤثرة وقادرة على لعب دور في بناء حضارتنا من جديد..