اثر الاشاعات الكاذبة وخطرها الكبير على أمن الامة
بقلم : الإعلامي الصحفي / حسين المصري
من الظواهر السلبية التي انتشرت في كل المجتمعات ، ظاهرة نشر الإشاعات والترويج لها وبث معلومات كاذبة ،والتي من شئنها الاضرار بالمجتمع والتي نهى الإسلام عنها ، وذلك لعظم قُبح الإشاعة وخطرها وشدة أضرارها على الفرد والمجتمع. وقد حذر الإسلام من خطورة نقل الأخبار الكاذبة وبث الاشاعات، وآثارها السيئة على أمن وسلامة الأمة ، وحث الإسلام علي ناقل الخبر وتحري الدقة والامانة , والابتعاد عن الارتجال في النقل، ذلك ان بث الخبر الصادق اذا كانت له آثار خطيرة فالواجب ستره حتى يمهد لإظهاره بما يقي من مفاسده، و شرع الاسلام «حد القذف» لمن ينشر الاشاعات ويبث الأخبار الكاذبة ويلطخ اعراض الناس. وواجب الشاهد ان لا يشهد الا على ما رأى بعينه ووعى بقلبه، وعلى مثل ضوء الشمس فاشهد. وزيادة في التأكد والتثبت للوصول الى الحق، فان القاضي من واجبه ان لا يقبل شهادة الشخص الواحد، بل لا بد من شهادة شاهدين عدلين. والآية الكريمة التي تدعو المسلمين للتثبت في نقل الأخبار واضحة: يقول الله تعالى :«يا ايها الذين امنوا ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ان تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين». وقد نزلت هذه الآية الكريمة في الوليد بن عقبة بن ابي معيط، ارسله رسول الله صلى الله عليه وسلم ليجبي الزكاة من بني المصطلق، فلما ابصروه هابهم لأمر كان بينه وبينهم في السابق، فرجع الى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره انهم ارتدوا عن الاسلام، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد ليطلع على الخبر، وامره ان يتثبت وألا يتعجل، فانطلق خالد حتى اتاهم ليلا، فبعث عيونه، فلما جاؤوا اخبروه انهم متمسكون بإسلامهم، وانهم سمعوا اذانهم وصلاتهم، فرجع خالد الى النبي صلى الله عليه وسلم بالنبأ، فقال: «الاناة من الله والعجلة من الشيطان» رواه الترمذي.
*وهناك آثار مدمرة , وهو ما يشير الى اثر الاشاعات الكاذبة وخطرها الكبير على أمن الامة وسلامتها وسلامة علاقاتها بعضها البعض، وفيه تحذير من نشر اشاعة او بث خبر له خطورة على أمن الامة وسلامتها قبل التحقق منه وتبين حاله، والتعرف على اثره وابعاده، والخبر الصحيح اذا كان له آثار خطيرة على الامة والسلامة العامة فالواجب ستره، حتى يمهد لاظهاره اظهارا يقي من مفاسده واخطاره. وقد ثبت ان عمر بن الخطاب رضي الله عنه في احدى المعارك التي كان يقودها خالد بن الوليد رضي الله عنه بدا له ان يستبدل بخالد رضي الله عنه أبا عبيدة عامر بن الجراح رضي الله عنه، فأرسل كتابه بذلك الى خالد رضي الله عنه وهو في قلب المعركة، فرأى خالد رضي الله عنه ان اعلان ذلك للجند الآن يفت في عضدهم، ويعود على المعركة القائمة بآثار خطيرة، فأخبر أبا عبيدة بذلك، وسلمه القيادة بينه وبينه، ولم يعلن ذلك للجند حتى انتهت المعركة، ثم اخبرهم بذلك، وذلك يدل على حكمة وحنكة بالغة، مع الوفاء بتنفيذ الامر الواجب التنفيذ. ولو رجعنا الى تاريخ الشعوب والامم، واستقصينا الآثار المدمرة التي نشأت عن اشاعات كاذبة واخبار ملفقة، لأدركنا خطورة هذه الظاهرة على المصالح العامة والامن. ومن هنا نرى وندرك اثر وقيمة الحكمة والأمانة في النقل، والابتعاد عن الارتجال، فضلا عن تقصد الكذب في الاشاعات، وبخاصة في أوقات الخطر وشدة الحال.